الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

قصة قصيرة ،





قصة قصيرة ، قصيرة جدا ..

لازلت أشعر بها على كتفى ، تنغمس في ذراعي الأيسر أنامله ،

لازلت أسمعها في أذني اليمنى ، صوت أنفاسه ،

لازال قلبي يحفظها، آخر كلماته ،

لازال اللون الأحمر يلون فستاني الأبيض ، دمه ،

لازال ضائعا أبحث عنه ، حقه ،



قصة قصيرة ، قصيرة جدا ..

وقفت وهو في شارع يحمل اسمه ،

هتفت وهو فكان يحبها ، بلده ،

حلفت وهو لن نترك مكاننا ، واقسم على حمايتي بقلبه ،

ركضت وهو ، دفعني بعيدا عن هذا الضابط ، وسحله ،



قصة قصيرة ، قصيرة جدا ..

تماما كما عرفته أول مرة ، مقتول حلمه ،

تغالب بسماته قطرات دموعه ،

ودع كل من في قائمته ،

احتضني ، قبل يدي ،

وأخبرني بذهابه ،

لم أترك يده ،



قصة قصيرة ، قصيرة جدا ..

أقلب صفحات جريدتي بحنق شديد ، بجواره ،

غالبته ضحكة خيل لي امتزاجها بحسرة ،

التفت لي معتذرا ، و تألأت في عيونه دمعة ،

وقال : " مش بتاعتنا يا آنسة "،






الأحد، 4 ديسمبر 2011

انفجروا أو موتوا




لا ، لا، لا أملك إلا أن أتكلم

يا أهل مدينتنا

يا أهل مدينتنا

هذا قولي :

انفجروا أو موتوا

رعب أكبر من هذا سوف يجئ

لن ينجيكم أن تعتصموا منه بأعالي جبل الصمت

أو ببطون الغابات

لن ينجيكم أن تختبئوا في حجراتكمو

أو تحت وسائدكم ، أو في بالوعات الحمامات

لن ينجيكم أن تلتصقوا بالجدران ،

إلي أن يصح كل منكم ظلا مشبوحا عانق ظلا

لن ينجيكم أن ترتدوا أطفالا

لن ينجيكم أن تقصر هاماتكومو حتى تلتصقوا

بالأرض

أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو

في سم الإبرة

لن ينجيكم أن تضعوا أقنعة القردة

لن ينجيكم أن تنكمشوا أو تندغموا

حتى تتكون من أجسامكم المرتعدة

كومة قاذورات

فانفجروا أو موتوا

انفجروا أو موتوا



قبل أن تبدي إعجابك أو امتعاضك من تلك الأبيات دعني فقط أخبرك أنها لم تكتب الأسبوع الفائت أو في العشرة الأشهر الماضية أو حتى أثناء ثورة يناير ، تلك الكلمات جاءت على لسان سعيد بطل مسرحية ليلى والمجنون ، تلك التي تدور أحداثها قبل ثورة يوليو ، نعم قبل ثورة يوليو ، كان مجتمع صلاح عبد الصبور _ كاتب المسرحية _يبحث أيضا عن الإستقرار وربما الأمن والأمان وسط احتلال و نظام حكم مستبد ، ولهذا أعلنها صريحة على لسان بطله ، انفجروا أو موتوا ، هذا السكون و المشي جنب الحيط لن يفيد أحد ، حلكم الوحيد أن تنفجروا أو تصبح حياتكم بلا مغزى و الأفضل لكم أن تموتوا ....

منذ أن وقعت عيناي على لك الأبيات منذ عدة أشهر و أنا أغالب أحاسيسي و دائما ما أبحث عن هذا الصلاح كي أتأكد أنه قد مات منذ زمن ، منذ ثلاثين عاما بالضبط ، أي في بداية عصر مبارك ، و أزداد أندهاشي عندما قرأت المسرحية ، الأبطال هم مجموعة من الشباب الصحفيين، الجريدة معارضة تكشف فساد الحكم ، المقالات تصادر ، أحدهم معتقل منذ أشهر بلا سبب ، إعلام قذر يخطب ود القصر ، و ناهيك عن الأحوال المعيشية المتعفنة التي تشم ريحها من الأحداث ، مع كل ذلك تصدمك كلمات سعيد تلك في وسط المسرحية ، شعب مستكين لا يحركه كل هذا الذي يحدث له ، ناهيك عن النهاية المأسوية للمسرحية فهذا الذي دام اعتقاله أشهر قد عقد صفقة مع الأمن و أصبح جاسوسا له ، وعندما كشف خيانته قتله أحد أصدقائه الصحفيين ، حتى سعيد قد جن ، وصودرت الجريدة و من تبقى منهم فقد الأمل و هرب بعيدا عن الأحداث ، و ظل سعيد ينادي في النهاية القادم من بعده أن يأتي بأقصى سرعة فـ " الصبر تبدد و اليأس تمدد " ...


نعم هذا الذي أحكيه قد تمت صياغته منذ عشرات السنين ، وقتها لم يوجد مبارك ولا جمال و لامجلس عسكري ، لم يوجد العادلي ولا العيسوي و لا انفلات أمني و لا شرطة جندت بلطجية للانتقام ، لكن الوحيد الذي وجد هو هذا الشعب ، شعب مرعوب وصل حد سكونه إلي الموت ، أكثر من نصف قرن مضى و نتيجة التغيير صفر ، لازال علينا أن نردد انفجروا ، وينفجروا لكن في أوجهنا نحن ، يريدون إطعام العيال و لا يهمهم في ذلك أن يغمسوا هذا الخبرفي دم عيال ناس تانية ، لايهمهم أن يصاب الآخرون بأمراض سرطانية أو طفرات جينية فقط لأنهم يطالبون بحقهم طالما كان صوت هذي العيال سيزعج نومهم الهادئ أو يهدم الحيط اللي ماشيين جنبه طول عمرهم ، يحبون مبارك و يتخذونه أبا طوال ثلاثون عاما ، وما إن ذهب حتى أتخذوا طنطاوي أبا آخر ، و إن تركنا لهم الأمر سيأتون بأب ثالث ، لا تقل لي أن هؤلاء يريدون استقرار فهم لم يعرفوه يوما و لم يروا آمان و لا عايشوا أمن ، من منهم لم يجر

من قفاه في منتصف ليلة شاتية فقط لأنه بائع سريح ؟، من منهم لم يذله عسكري مرور و ياخد منه اتاوة فقط لأنه سائق تاكسي لا حول له ولا قوة ؟، من منهم جلس على القهوة أو عمل عامل نظافة وهو معاه شهادة عالية ؟، من منهم فكر يوما في دخول قسم لتقديم بلاغ في المسئول الفلاني ؟، من منهم قد عومل يوما بكرامة ؟، من منهم حقا يعرف ما معنى الكرامة ؟ ، من لا يعرف طعم الكرامة لا يستطع أن يطالب بها ، من لا تهمه كرامته فلا يهمه حياته و لهذا لن يحركه مشهددماء " عيال الناس التانية " وهي تسيل مدافعة عنه وهويموت يردد هتافه " عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية " ، لن يحركه هذا الذي طالب له بالعيش أولا قبل أن يطلب لنفسه الحرية و هو يضرب حتى الموت ثم تجر جثته إلي أكوام الزبالة ، نعم أكوام الزبالة هذا ما أنت عليه بالنسبة لظابط شرطة ، هذا أنت يا من ناداك قبل سنين صلاح عبد الصبور ، أنت يا من تجلس تسمع توفيق عكاشة و تحلف بحياة الشرطة ، هذا أنت حياتك لا تساوي عنده سوى أن تكون كومة زبالة ، و لأنك توافق عليه فحياتك عند نفسك ليست سوى كومة زبالة ...المدهش يا سيدي المناصر لقتلة أخي أني كلما تحدثت مع أحدكم أجد تلك العبارة على لسانه ، ما احنا بقالنا تلاتين سنة بناخد بالجزم و أدي احنا عايشين وخلاص ، تقولها بفخر شديد و تريدني أن أعايشها معك ، تريدني أنآخد بالجزمة و أسكت ، و أضحك على نفسي و أسميها عيشة ، يا سيادة مؤيد الجزمة نحن جيل حر لا نعلم عن الحياة سوى الحرية والكرامة وكما دافعت عن جزمتك سنوات عدة فلا تردعني عن مدافعتي عن حريتي ...

كنت لأدعك لتناصر مجلسك العسكري إن كنت حقا تناصره ، إن كنت راضيا عن أمنك في ظل حكمه ، سعيدا بمستواك الإجتماعي تحت سلطته ، آخذا حقك تالت ومتلت ، لكنك لا تتمتع بأي من الثلاثة ، أنت فقط لا تريد لهؤلاء الهاتفين أن يصمتوا و يكفوا عن وجع دماغ سيادة الجنرالات ، أنت فقط لا تريد من حياتك إلا ما أراده جدك الأول في العصر الحجري ، تاكل وتشرب وتنام و تشوف أبو تريكة ، أنت فقط تحب أن تعيش تحت سوط جلادك تعشق ضربه لك فلا تعلم إن رحل بماذا ستشغل حياتك و كيف تكون هي ، لا تستطيع أن يرفعسوطه عن عقلك و يتركك لتحلم فأنت لم تتعود أن يكون لك عقل من الأساس ، أنت يا ذليل عقلك المسلوب منك و قلبك الميت الذي لا يحركه ولا يهمه أن يموت غيره لكن يعش هو لن أقول لك سوى ما قاله هذا الصلاح انفجر أو أتركنا و أذهب لتميتحياتك كما تريد ....