الجمعة، 19 أغسطس 2011

الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية





مقولة وحكمة اظن ان اغلبنا سمع عنها بل والكثير منا يستعين بها في حواراته عند اشتداد النقاش , ولكن ما يحيرني فعلا و يثير العديد من علامات الاستفهام التي تجول في بالي هل نحن فعلا نفهم و نعي معناها و هل نستخدمها فعلا في موضعها الصحيح و نحسن استغلالها !!!!!!!

نتفق جميعا ان هذه الجملة البسيطة المعبرة موجزة عن كلام كثير ومن البديهي عندما تكتب هذه العبارة في اي من الحوارات فانها سوف توحي بتقبل الاطراف لكل الاراء و احترامهم لبعض بالرغم من الاختلاف في احد مواضيع الحياة المختلفة .

لكن الان و بعد كسر القيود و ازالة ما كان يمنع الكثير من ابداء الرأي بحرية و ذلك بواسطة ثورة 25 يناير المجيدة لاحظنا طبعا ان تقريبا الكل اصبح يشارك في نقاشات متعددة و يبدي برأيه بطلاقة و اكيد هذا شئ جميل و مفيد و لكن ما اتحدث عنه هو الطريقة التي اصبح الكثير يستخدمها في ابداء رأيه في هذه الحوارات و التي من المفروض كانت تؤدي الي تبادل المعرفة بين جميع المتحاورين و لكن بدل عن ذلك كثرت المشادات بسبب او بدون والتي تؤدي في النهاية الي الكره و البغض تماما عكس ما ترمي اليه المقولة التي نتحدث عنها واصبح استخدام المقولة الشهيره
( الاختلاف في الرأي لا يقسد للود قضية ) في اي حوار مؤشر علي بداية جدال لن ينتهي و في الغالب يكون فيه بعض الامور الغير مقبولة و قد يؤدي الي القطيعة للاسف مغيرا المغزي السامي للمقولة 180 درجة !!!!
فهل يمكن القول ان هذه الحكمة تنفع فقط في امور معينة فقط و الدليل انه يوجد عدة حوارات تنتهي الي عكس ما ترمي اليه تلك الحكمة ؟؟؟
و اجيب علي هذا التساؤل باجابة حاسمة
قطعا لا بل تنفع في كل الحوارات و النقاشات و يجب علينا جميعا الالتزام بما توحيه هذه الحكمة
ولكن الخطأ الذي يؤدي الي مثل تلك النهايات المؤسفة التي أشار اليها السؤال يتبلور في جهل او تجاهل الكثير مننا للقواعد الاساسية للمشاركة في الحوار و احاول ان ابين و القي الضوء علي اهمها :

- يجب علي اي شخص يود ان يشارك في اي حوار ان يكون علي الاقل علي دراية بموضوع النقاش و عنده قدر كافي من المعرفة عنه لكي يستطيع علي الاقل ابداء رأي يستحق ان ينظر اليه بجدية , و ايضا يجب ان يكون كلامه هذا معه ادلة تدعمه و ليس كلام من فراغ لمجرد انه يريد المشاركة فقط فلا يكون كما يقول الله تعالي :
(ومن الناس مَن يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) الحج: آية 8 و كثيرا ما نري ذلك من اشخاص لا يعلمون اصل موضوع الحديث من الاساس و ينحشرون فيه بدون مبرر و طبعا الاراء الصادرة من مثل هؤلاء ستؤدي الي نهاية مؤسفة من الجدال العقيم , مثلهم الذين يقولون كلام بدون اي ادلة و ما اكثرهم فيؤدي ذلك الي اعتراض الطرف الاخر بشدة و العجيب ان هؤلاء الاشخاص يتمسكون بكلامهم بغرابة مع علمهم انها بدون دليل و بالتالي ايضا يؤول الحديث الي مشادات يمكن تفوق التي تحدث بدون وعي عن الموضوع .

- من المعروف انه يوجد العديد من الامور يمكن ان يتكلم عنها اشخاص مختلفة كل من منظور مختلف و بالتالي الاراء ستكون مختلفة و لكن كلها يحتمل الصواب و من هذه الامور
السياسة ( و ما اكثر الكلام عنها الان )
و يا ريت الكل بستمع و يشاهد هذا الفيديو اللطيف لعمر خالد و سيفهم المغزي : 


 او ادخل علي هذا اللينك لان لو لم نلاحظ هذه النقطة بالذات في كثير من المواضيع و المناقشات الحارة سوف نستمر في جدال لا ينتهي الي شئ سوي المشادات الكلامية التي ممكن تتطور الي تطاولات متعدده غير مقبولة ( وما اكثر ما نلاحظه الان من هذه النقطة )

- هذه النقطة بالذات اعتبرها وليدة الاحداث الجارية
; لان اخيرا و بعد التحرر من الاستبداد الذي كنا نعاصره و الكل الان ينادي بالديمقراطية الحقيقية وتطبيقها و لكن هل حقا نحن نعمل بها في حواراتنا !!!!!!!
لان من ابسط معالم الديمقراطية هي حرية ابداء
جميع الاراء و الاستماع اليهم كلهم بالقدر الكافي وعدم الاستبداد بالرأي أو فرضه على الآخرين، وهذه مسألة غاية في الأهمية في كل نقاش، إلا أننا نجد البعض وللأسف الشديد يحاول الاستبداد برأيه وفرضه على الآخرين معتقداً أن رأيه هو الأصح والأفضل، حتى أنه لا يفسح المجال للآخرين للتعبير عن وجهة نظرهم وآرائهم، مستغرقاً بكلامه لوقت طويل، غير مبالي ولا مراعي لأفكار وآراء الأطراف الأخرى في النقاش.

- يجب علينا جميعا
مراعاة عدم الاستخفاف بآراء الآخرين وأفكارهم أو الاستهزاء بهم مهما كانت أفكارهم خاطئة أو ساذجة ، خصوصاً إذا كان الطرف الأقوى والأصح في النقاش على مقدار من الثقافة والدراية ولديه خزين من المعلومات حول موضوع النقاش في حين يكون الطرف الآخر متواضعاً في ثقافته أو قليل الخبرة والمعرفة في موضوع الحوار بالذات، فيحاول حينها صاحب الثقافة أو مدعيها أحياناً استعراض نفسه ومعلوماته بغرور وعجرفة ويحاول أن يظهر نفسه في القمة عن طريق الانتقاص أو الاستهزاء بالآخرين وأفكارهم، متصيداً هفواتهم وأخطاءهم، ومتتبعاً لعثراتهم وزلاتهم مهما كانت بسيطة،
متناسياً قوله تعالى:
(لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم
ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكنَّ خيراً منهن) الحجرات:11 وللاسف كثيرا ما نلاحظ هذا الفعل بالذات من بعض الشخصيات و اكثرهم ايضا يكونوا من الفئة التي تدعي المعرفة !!!!

- يجب ايضا الالتزام
بالموضوعية في النقاش بعيداً عن التطرف والعنصرية والانحيازية خصوصاً عندما تكون أطراف النقاش من طبقات أو أعمار أو مذاهب مختلفة، وعدم فرض الرأي على الآخرين بحجة إن صاحبه هو الأكبر سناً أو أنه رجل والطرف الآخر امرأة، أو أنه من مذهب معين، فمثل هذه الأمور أو غيرها لا تُعد مبرراً للاستبداد أو فرض الرأي على الآخرين أو مقياساً لصحة الآراء أو أفضليتها.

- يجب مراعاة الآداب الخاصة بالحوار
والنقاش عرفاً وشرعاً، كالاستماع والإصغاء أولاً للأكبر سناً أو أكثر خبرةًوعلماً وعدم قطع كلام الآخرين قبل أن يكملوا كلامهم، أو محاولة التكلم بصوت مرتفع للسيطرة على النقاش، بل يجب مراعاة التكلم بذوق وأدب واختيار الكلمات المعبرة الجميلة، والابتعاد عن الكلمات النابية المبتذلة قدر الإمكان ليكون نقاشاً لطيفاً هادئاً وهادفاً وبناءً في نفس الوقت وبعيداً عن التطاول والابتذال و لكن للاسف كثيرا ما نري و نسمع و نقرأ ما عكس هذا تماما و مما لا شك فيه ان النتيجة الحتمية لمثل هذا ستكون وخيمة فيجب ان نتعلم من قوله تعالي : (وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل: 124
ويجب ان نتذكر قول الامام علي : ( سُنة اللئام قبح الكلام )


اعرف اني قد اطلت كثيرا في الكتابة و لكن ما دفعني لهذا كثرة ما رأيت و سمعت و قرأت من اسلوب غير لائق في الحوارات المختلفة في هذه الفترة التي نعيشها بالذات و اصرار الكثير علي التعنت في الرأي دون وجه حق فاتمني ان تقوم ثوره في نفوسنا تكملة لثورة 25 يناير و نرجع للايثار الفريد الذي كان يعم ميدان التحرير خلال 18 يوم العصيبة و تعم ثمار الحوار المفيد الراقي
;) ;)

بقلم : محمد عبد العال