ثائر الكنبة مختلف .. إن كنت ثائر ميداني فكل ما عليك كي تعرف اتجاه ثورتك أن تنظر في عيون جارك الميداني و ستجد الثورة بهما ... أما ميدان الكنبة لا يوجد فيه سواك .. أنت فقط .. فقط ووسائل معلوماتك تلفزيونية .. فيس بوكية .. أو تويترية ...
مرحلة ما بين اليقظة والنوم .. لازلت لم تغادرني أحلامي بعد .. فتحت عيوني عندما تذكرت .. إن اليوم هو جمعة .. جمعة الغضب .. في الجو رائحة مختلفة وفي النفس شعور آخذ .. اليوم ليس ككل يوم ..
وبالطبع كأي شاب وفتاة مصرية الانترنت بغلاوة أخ وصديق .. هرولت لأفتح جهازي لأتابع ... لكن لا نت .. مش يومه خــــــــــــالص :@@@
لا فيس بوك ولا توتير – مع إني مكنتش لسه عملت أكونت - ولا أخبار ولا نقاش .. – لما أشوفه اللي قطع النت دا - ... سنضطر الآن آسفين لنكون تحت رحمة المراسلين :@@
لازلنا في الصباح .. الأخبار فاترة سوى من شئ واحد .. أنباء عن قطع الاتصالات جميعها في مصر ولا يعمل سوى الهواتف الأرضية .. ما هذا السخف يا سيدي الحاكم بأمر مصر ؟؟؟ ... أتصنع من مصر سجن بملايينها ؟؟.. أيدفعك إجرامك أن تصل لهذا القدر من الجهر ؟؟ ...
اليوم ليس ككل يوم .. يعزلنا مبارك عن العالم لاننا نريد عزله عن ظلم مصر .. إن مخططاتك يا سيدي العجوز تحوي كثيرا من القلق .. أشم رائحة الموت تعبق المكان ..
تفاصيل اليوم الإخبارية قبل حظر التجول كانت في معظمها تأتي من مكالمات هاتفية من تليفونات أرضية و بعض الفيديوهات القليلة جدا ... لا أحد يعلم حقا ما يجري الآن ...
شعور سخيف يتغلغل في أعماق أعماقي .. مشاعر مختلطة من الضجر والضيق والحنق .. من اسماه يوم غضب كان على حق .. الوطن سجن لنا
أنباء عن قتلى .. لا أحد يعرف الرقم .. لكنه ليس بقليل ..
الدم بيننا وبينك زاد يا مبارك .. لم يكفيك قتلنا جوعا ومرضا وألما على أحلام اغتيلت .. لم يكفيك العبارت والقطارات و غرق الشباب ... لم يكفيك ثلاثون عاما مهانة .. لم يكفيك كل ذلك ..
يوم ليس ككل يوم .. وانفجار في عقلي يدوي بكلمات صديقاتي .. أحقا ممسوكة بالحديد والنار يا بلادي ؟؟ ..
أعلن الحاكم العسكري عن بدء حظر التجول و نزول الجيش إلي الشارع ... حظر وجيش .. الانفجار يعلو صوته " هيقولوا قضينا على الشغب وخلاص " ... ما بال تلك الدولة .. ألا يكفيكم أن صنعتم منها سجنا ضاق بسجنائه ..
حظر وجيش وشغب ... ثلاثي مرعب .. جيشي يدافع عن أرضي ضد أهلي ... يارب سلم L
و الأنباء تقول أنه لا يوجد شرطي داخلية في مصر بأسرها .. اليوم ليس كأي يوم .. الشرطة انسحبت .. تخلت عن مواقعها وتركتنا فريسة ...
الأنباء تتناقل .. صوت سيدات يصرخن في كل القنوات ... اغيثونا .. ماذا يحدث ؟؟ .. يزداد دق القلب ...
الأنباء تتوارد .. كل البلاد تسحب رعاياها من مصر ... أتجعلها بلد فزع يا كريه بلادي ؟؟؟.. مصر الامن بلد فزع !!! .. وما بال هؤلاء لا يعبأون سوى بأخبار سحب الرعايا .. ومن لكم يا أهلي ؟؟؟.. من لكم ؟؟ ..
الأنباء تتعدى حدود المعقول ... تم فتح جميع السجون !!! .. قل عني ما تريد لكني مؤمنة جيدا بأن تلك ما هي إلا مؤامرة .. ينسحبون ثم يطلقون علينا سجنائهم .. أي حكم هذا ؟؟ .. أي كرسي هذا ؟؟ !! ..
أثير الشاشة ينقل نارا ... مبنى اللاوطني الخائن يحترق ... يحتــــرق ... و الأثير يقول بأن أقسام شرطة و أمن دولة تحترق .. تحتـــــرق ... كل رمز للظلم يحترق ... إن الكيل فاض بنا فاحترق كل شئ بغضبنا .. اليوم لن يأتي ثانية ...
المتحف مهدد .. متحف مصر .. جزء عظيم من التاريخ مهدد .. يسرق ماضينا ويقتل حاضرنا !!! .. هذا الظالم
الكل خرج من صمته – مش كلهم يعني كلاب السلطة (بفتح الصاد وضمها ).كتير - .. الغضب أعلى من أي شئ ... تلك الجناجر لم أسمع لها صوت أبدا ..
حظر .. نهب .. وحريق ..
دم .. سجن .. وكرسي ..
ما كنه الثورة ؟؟؟ .. من هولاء يسرقون الحزب ؟؟؟ .. أتخلوا عن الثورة والدم لأجل المال ؟؟؟ .. أين الثورة ؟؟ ... كفوا عن الصراخ و اذكروا لي أين الثوار ؟؟؟
كفوا عن الصراخ وارحموا مصر .. ..
ليلة ليوم ليس كأي يوم ... من يحكميكي يا بلادي وقد تآمروا عليكي ؟؟؟ ...
لم أشعر في يوم بخيبة أمل كهذي .. إن حلم التغيير قد اقتلع من جذوره .. وتحول الشتاء للخريف في لحظة .. وسقطت أوراقه .. وتعرى الوطن ...
لو كنت ثائر في الميدان في ذاك الوقت لما كنت تشعر بهذا الأسى .. فأنت كنت تعلم أن الثورة قد دخلت اعتصامها وأن الميدان أصبح محررا ...
الليلة ليست ككل ليلة ... ليلة حمت الثورة حقا ... الشعب دائما ما كان في خدمة الوطن والشرطة كانت في خدمة سيدها ... الشعب حمى نفسه و أخرجنا من مأزق الفزع .. الله سلم ..
والثورة في ميدانها الآن محررا لها فقط ... وأنت أيها الحاكم قد أضعت فرصتك ...
إنها الخطبة الأولى .. خطبة ليلة جمعة الغضب .. التوقعات كانت خيالية بعض الشئ .. ليست أقل خيالية من الخطبة ...
سـيقيـــــــــــــــل الحكومة !!!! .. مزحة أم سخف .. كانت التوقعات ترقى للتنحي و هو خرج ليقيل الحكومة !!! ... ما أبدع ذاك اليوم .. غضب و فزع وخيال ..
حقا لا كلمات تكفيك ... تلك اللهجة و تلك الكلمات .. تلك اليدان الغارقتان في الدم .. لا كلمات تكفيك وصفا .. أتخرج لمديح نفسك و سقف حريتك ...
نهاية يوم غير وجه مصر ... وحطم خط دفاع مبارك الأول و عبداه – الداخلية - ... وأمر الجيش غير مفهوم لكنه على الأقل لن يطلق النيران وذاك يكفي إلى الآن ...
والشعب إما ثائرا في الميادين .. وحاميا لبيته يحاول حرق أول الكروت ... الترهيب ...
نهاية يوم ليس ككل يوم ... وبمشيئة الله نكمل لاحقا ...