السبت، 6 أغسطس 2011

يوميات ثورة من ع الكنبة (1) .. معقولية اللامعقول









نعم لم تسعني ظروفي للنزول لميادين الثورة .. على الأقل جسديا .. فأنا بروحي نزلت كل ميادين مصر .. إن كنت يوما تهتف وشعرت بشبح حولك .. فهذا أنا .. أنا وكل من ثائر لم يستطع النزول

قد سمعنا كثيرا عن ثوار الميادين .. ولكنك لم تسمع عن ثائر الكنبة .. هنا سأحكيك سيدي عن شعور ثائر ثار فقط أمام شاشة التلفاز و صفحات الانترنت .. لن تجد الأحداث مرتبة و لن تجدني أقدم لك تفاصيل إخبارية .. الأمر هنا سينصب على شعور ثائر ..
نقطة البداية .. خطوة الألف ميل .. بيان الجزيرة في مساء يوم الرابع عشر من يناير .. بن علي هرب:)) ..هرب :)))) ..هرب ؟؟؟؟!!!!!


إنها مشاعر متداخلة متناقضة .. ما بين الفرحة والذهول .. ما بين الامعقول والواقع .. قد خلع شعب "عربــــي " حاكمه .. حقا حدث

قد خدعني سعد زعلول طوال اعوامي الأحد والعشرون و اكتشفت في ليلة شتاء باردة حارة جدا أنه " فيه فايدة " ..
كل كلماتك يا مطر عن ضعف الشعوب العربية و استسلامها وعبوديتها لحكامها .. كل تلك الكلمات تذوب الآن أمام عيوني وأنا أرى علم تونس مزين كل شئ ....

ذاك العبقري من صاغ جملة " الإجابة تونس " كان على حق فإنها كانت رمزا للسخرية الدائمة من صعوبة وعدم فهم السؤال .. حقا كان سؤالا صعبا يدوي صداه في عقولنا وقلوبا جميعا .. " أذلك ممكن ؟؟؟ "

التوحد العربي .. توحد الفرحة بتحرر شعب عربي من طاغيته .. توحد حسرة على الحال .. توحد الشعور بالأمل .. كانت ليلة لن تنسى في حياتي وفي حياة كل ما عاشها ..

ومع انقضاء الليلة عاد سعد من جديد إلى عقلي يحدثي بأني في مصر لا تونس
وتغلغل احساس مفيش فايدة إلي قلبي في اليوم التالي فلم أجد من يتحدث عما حدث سوى قلة قليلة جدا وجميعهم شباب
لم أجد من يحمسني سوى تللك الصديقة عندما رويت لها ما حدث وكان رد فعلها " ايه .. طب يالا .. ما هو ممكن أهو "

لكن سعد كان صوته أعلى ووجوه تلك الراكبين معي في العربة كان أقوى دليل على صدق كلامي .. من من هؤلاء سيترك منزله و ينزل للشارع كي ينحى حسني مبارك عن الحكم .. إنه لشئ هزلي ونكتة سخية
لم يتغير هذا الشعور عندما تم الإعلان عن صفحة مظاهرات 25 يناير ... إنه الحلم القاتل .. لن القي بنفسي به .. سأنشره قدر ما أستطيع .. إن استطعت سأنزل ولكني لن أترك نفسي فريسة حلم الثورة .. فقط يكفيني حلم كسر حاجز الصمت الطويل ...

يوم 24 من يناير .. غدا اليوم المنتظر .. أسيخذلي أبناء وطني أو سينزلون .. السؤال المحير .. فيه لذة النشوة بالحلم الذي تم قتله .. وحسرة الحال إلي ما آل إليه حال الجرأة وقد أصبحت أمرا مشكوكا في صحته
صباح يوم الخامس والعشرين .. يوم تاريخي بدأ .. التلفاز صامت عن أي شئ .. لا تليفزيون مصري ولا جزيرة ... اغتيال الحلم ... قد خذلوني جميعا و لم يكن لي يوما صديق سوى سعد


الانترنت كان مختلفا .. نداء على جروب الدفعة يدفع الناس للنزول .. البعض يعترض والبعض ينزل والحماس مبشر على أن اليوم مختلف ... و مقطع فيديو ... تكاد عيوني لا تصدق ما تراه .. الكل يهتف بأعلى صوت .. لا رصاص يوقفنا .. لا مدرعات تهمنا ... الحلم يداعب كل ذرة فينا ... وفي المساء تطور حقا وأصبح الهتاف " الشعب يريد إسقاط النظام " ... و عادت الرجولة من سفرها الطويل على متن إرداة ودماء بعض من شبابنا


وسط تلك اللامعقولية كان لابد أن يظهر شئ مألوف ... الإعلام المصري طبعا :

إنه القذارة حقا ذلك الأعلام ... ها هم يغتالون الرجولة من أول يوم لها على أرض مصر منذ أعوام و يعلنون بطلانا أن اليوم كان يوما تخريبي .. يلصقونه بالمحظورة مع إنها لم تنزل .. يسلبوننا حقنا في التعبير عن الغضب و بدم شهيدنا في ذاك اليوم يرسمون وجها آخر للثورة ... إنه القذارة مجتمعة

وصوت صفوت الذي لم ولن يكن يوما شريفا ... صوته من البي بي سي .. كم عدد من نزلو ؟؟؟ إن السواد الأعظم لم يرد شيئا ؟؟
ومانشيت الجمهورية ... الشعب يحتفل مع الشرطة بعيدها .. المواطنون يهدون الشرطة ورودا والظباط يهدونهم شيكولاته ... شيكولاته ؟؟؟!!!! .. إن كان كذلك فأريد خاصتي ...

و أعداد القلة المندسة من المتظاهرين الذي لا يتعدى العشرات ... وبالطبع لا شهداء

وسط تلك المعقولية الفجة كان لابد أن أرى نفسي في الميدان أهتف الشعب يريد إسقتط النظام ... وهكذا كان .. ظللت ابحث عن مظاهرة ولم أجد ... كانت هناك واحدة على وشك البدء .. لكن لم تبدأ ... اعتقلوا زميلا لنا .. و رشوهم بالمياه .. وطوقهم أمن الدولة ... اليوم تأكدت من أن الحلم ترسخ لكن التطبيق أشبه بالمستحيل و يتعالى صوت سعد في عقلي ثانية

لم يكن صوت سعد فقط .. أحد صديقاتي كانت في تلك المظاهرة التي لم تخرج و كان تعليقها عليها " البلد ممسوكة بالحديد والنار " .. حديد ونار .. إذن لا ثورة !!!.. لا شئ :((((...

وصوت صديقة أخرى ... " هيقولوا قضينا على الشغب وخلاص " ... الحلم يتلاشي .. كان خطرا أن ألقي بنفسي داخله .. كان خطرا جسيما ...
و شئ من المعقول في قنوات التضليل الرياضي .. أحدهم يدعوا الشباب بالكف عن المظاهرات فالحكومة سمعت و يدعونا لإعطائها فرصة !!!! ... و الدعوة الأعظم لأن يقضي كل منا أجازته و يصبر ... شئ سخيف مضحك مبتذل يجعلك تشعر بالتقزز من تلك الجرثومة المدعية الإعلام ...


كان صوت صديقاتي يدوي كانفجار في عقلي في مساء الخميس .. ليلة جمعة غيرت وجه مصر .. جمعة الغضب .. وهذا شأن آخر .. سنكمل لاحقا